الشهيد البطل الرفيق سعيد سلامة السواركة

ولد الرفيق الشهيد سعيد سلامة منصور السواركة (أبو منصور) في الشيخ زويد – جاء إلى فلسطين صبياً – وفي مدينة الخليل حط رحاله، عمل راعياً لإحدى العائلات، ومن خلال الرعي تعرف على شعاب الخليل وجبالها ووديانها حتى أصبحت منقوشة على كفه.
بعد فترة من الزمن اشترى قطعة أرض وبنى عليها بيتاً وتزوج إحدى فتيات عائلة القواسمي في الخليل واستقر هناك.

تعرف على الرفيق محمد شرف وانضم إلى فرع حركة القوميين العرب العسكري (أبطال العودة) وفي سنة 1965 سافر إلى القاهرة، ومكث فيها ثلاثة أشهر تدرب خلالها على استخدام السلاح والمتفجرات وبعد عودته اعتقلته السلطات الأردنية ولكنه استطاع الفرار من الأسر، وظل إثرها مطلوباً للسلطات القمعية الأردنية حتى حرب حزيران 1967.

بعد الحرب بأسبوع خرج إلى الأردن وعمل بتهريب السلاح عن طريق وادي عربة وأثناء ذلك اتصل بالحركة وأخذ دورة عسكرية أخرى وبعد فترة بدأ يشارك في العمليات ضد الاحتلال.
اعتقلته سلطات الاحتلال وأخضعته للتحقيق المتواصل لمدة أسبوع لم ينطق خلالها بحرف فأفرجت عنه، وبعد أسبوعين طلبته مرة أخرى، فرفض تسليم نفسه وأصبح مطلوباً منذ تلك اللحظة، وخلال تلك الفترة داهمت سلطات الاحتلال منزله وكان متواجداً بداخله إلا انه أفلح بالهرب، فأقدمت سلطات الاحتلال على نسف منزله.
مثّل الرفيق أبو منصور الشغل الشاغل لقوات الاحتلال في منطقة الخليل، فنصبت له عدة كمائن وفي عدة أمكنة وفي أوقات مختلفة، لكنه بحذره وذكائه استطاع الافلات ولم يقع في أي كمين.

عمل على تكوين عدة مجموعات من الرعاة ومن معارفه الموثوقين ودربهم بنفسه على استخدام السلاح، وبدأ عمله على أساس مخطط وامتدت علاقات منظمة منطقة الخليل إلى مناطق أخرى.
نجح الرفيق أبو منصور في تجربته فأقام علاقات جيدة مع قطاع واسع من الجماهير، مما ساعده في عمله واختفاؤه وأمّن حياته لفترة طويلة نسبياً، فكانت الجماهير ترصد تحركات العدو وتعاون أبو منصور ورفاقه على تأمين قواعده ونقاط التقاط وانطلاق الدوريات القادمة من الأردن.

شدد رفيقنا على سلوك المقاتلين في التعامل مع الجماهير، وحافظ في الوقت ذاته على حياة المقاتلين، كان شجاعاً جريئاً دائماً في مقدمة الصفوف في مجابهة قوات الاحتلال.
في إحدى المرات أمر رجاله بالإنسحاب في نفس الوقت الذي كانت تتجمع فيه قوات كبيرة من العدو، وفتح نيران رشاشه (الديكتريوف) على جنود العدو المجتمعين حول ضابطهم يتلقون تعليمات الانتشار، فباغتهم وأوقع في صفوفهم خسائر فادحة، وعندما سئل أبو منصور: لماذا حرمت المجموعة من الاشتراك؟ أجاب أن المنطقة خطرة وكان يشعر بأن أحدا قد يصاب معه ففضل ألا يصاب أحد من رفاقه.

بعدما عجزت قوات الاحتلال عن إلقاء القبض على الرفيق أبو منصور أو قتله، لجأت لعملائها فأوعزت لأحد العملاء من قرية يطا باغتيال الرفيق أبو منصور، فذهب العميل متسلحاً بمسدس إلى مغارة أبو منصور في أحد جبال الخليل، وجلس معه بحضور الرفيق عبد المنعم راجح الجعبري.
وثق الرفيقان بالعميل ظناً منهما أنه فدائي، وبعد لحظات أشهر العميل مسدسه وأطلق النار على الرفيقين بصورة مفاجئة فاستشهدا بطلقات الغدر والخيانة وذلك في السابع من تموز عام 1970.

لقد ظنت قوات الاحتلال وعملاؤها أنهم بقتل الرفيق أبو منصور سيقضون على الثورة ولكن هيهات، فقد نالت الثورة من العميل المجرم ونفذت حكم الثوره به.
فإلي شهيدنا الخالد فينا الرفيق أبو منصور وكل الشهداء كل إكبار واحترام، وإلى تجربة جبال الخليل التقدير الرفاقي.
لا نظن أن هذه الكلمات أعطت للرفيق أبو منصور حقه، لكنها ستنقل للجيل الثوري القادم بعض الحقيقة والتي ستبقى ناقصة وعاجزة ما لم نضيف إلى الصورة بعض العمليات التي نفذتها مجموعات جبال الخليل، ومما يجدر ذكره أن الرفيق أبو منصور شارك في جميع العمليات الواردة أدناه مع رفاقه، فكان القائد الهمام الذي يتقدم الصفوف ويشن هجماته ضد قوات الاحتلال جنبا إلى جنب مع رفاقه.

بعض العمليات التي نفذها الرفيق أبو منصور ومجموعات جبال الخليل:
1) كانت أولى العمليات في بيت جبرين في ديسمبر 1967.
2) عملية عند موقف الباصات في مدينة الخليل وذلك أوائل شهر فبراير سنة 1968.
3) إلقاء قنبلة يدوية عند درج الحرم في شهر سبتمبر عام 1968 استهدفت مجموعة من الصهاينة وأوقعت في صفوفهم عشرات الاصابات.
4) في ديسمبر 1968 مقابل مكتب مديرية التربية والتعليم فتح عدد من الرفاق النار على مجموعة من جنود الاحتلال فقتل جندي صهيوني وأصيب آخرون بجراح حسب اعترافات العدو.
5) في أوائل يناير 1969 وعلى طريق الخليل – بيت أمر، نصب الرفاق كميناً لسيارتين من سيارات العدو وفتحوا النار على السيارتين موقعين عدد من الاصابات في صفوفهم.
6) في 15 يناير 1969 وعند مفترق الرامة نصب الرفاق كميناً آخر اعترف فيه العدو بمقتل جندي وجرح إثنين آخرين.
7) في أوائل فبراير 1969 نصب الرفاق كميناً آخر عند مفترق الرامة (جورة بحلص) ولم تعرف خسائر العدو في هذا الهجوم.
في شهر مارس 1969، نصب الرفاق كمينا لسيارات العدو على طريق بئر السبع – الخليل (خزان المياه) اعترف العدو في هذا الهجوم بإصابة جنديين من جنوده.
9) في 24/4/1969 اشتبكت مجموعات جبال الخليل مع قوات الاحتلال قرابة الساعة في معركة تكتم العدو فيها على خسائره.
10) شهد شهر مايو 1969 ثلاث عمليات بطولية أصيب في إحداها أحد الرفاق وكان أول رفيق يصاب بجروح في مجموعات جبال الخليل.
11) في السابع من يونيو 1969 نفذت المجموعات عملية ضد قوات الاحتلال تلتها عملية أخرى في العشرين من الشهر نفسه.
12) في أكتوبر 1969 أطلقت النار على باص في طريق بئر السبع الخليل.

هذا غيض من فيض فعطاء الرفيق أبو منصور ورفاقه في الخليل سجل في سفر التاريخ شهادة نضال فاعلة وصفحة كفاحية ناصعة.